تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الأحقاف

صفحة 49 - الجزء 2

  والخلد مع المتقين في الثواب الكريم، بإرتكابكم المعاصي وترككم الطاعة، حتى خرجتم مما جعل الله للمطيعين، وصرتم إلى حكم الفسقة الكافرين، في عذاب مهين، فهذا معنى {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ}.

  ٢٧٨ - وسئل عن قول الله سبحانه: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ٢٠}⁣[الأحقاف: ٢٠]؟

  فقال ~: الطيبات التي أذهبوها في حياتهم، فهي: طيبات الجنان التي جعلها الله لأهل الطاعة والإيمان، بما ذكر أنه أعد لأهل التقوى والإحسان، من أزواج الفواكه والرمان، وغير ذلك من النخيل واللحمان، وكل ما تشتهيه الأنفس من اللباس والنسوان. وإذهابهم إياها فهو: بعصيانهم لربهم، وجرأتهم على خالقهم، لأن الله ø إنما حكم بالطيبات لمن أطاعه، وحرمها على من عصاه، فمن أطاعه فقد استوجبها بطاعته، ومن عصاه فقد أذهبها بمعصيته فهذا تفسير إذهابهم للطيبات، لا ما يقول من جهل فلم يعلم، وضل عن مذهبه فلم يفهم، من أن إذهابهم للطيبات هو أكلها في حياتهم فإن من أكلها في الدنيا الفانية، حرمها في الآخرة الباقية، وحاش لله أن يكون الجواب على ذلك أو يكون قول من علم كذلك!

  ألم تسمعوا قول الله في القرآن، وما نزل من النور والبرهان، حين يقول: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ٣٢}⁣[الأعراف: ٣٢]، فجعلها لهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة التي بها فكيف يقال أو