تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة محمد

صفحة 54 - الجزء 2

  فقال: أراد الله تبارك وتعالى هل: يستوي من كان في هذه الجنة وفي أسرابها ولذاتها؟ ومن هو خالد في النار يسقى الحميم؟! لا يستويان أبدا! صدق الله تبارك وتعالى لا يستوي محل أوليائه ومحل أعدائه، أعداؤه في عذاب النار، وأشر قرار، وأولياؤه في خير دار.

  فقلت ما هذه الخمر؟

  فقال: هي الخمر التي {لَا فِيهَا غَوْلٌ}، والغول فهو: ما اغتال العقول. {وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ ٤٧}⁣[الصافات: ٤٧]، والنزف فهو: ما ينزل بشراب خمر هذه الدنيا النجسة، فيزفون من طرفيهم مشيا وقيا، فأخبر الله تبارك وتعالى بطهارة هذه الخمر، وبعدها مما تفعل خمر الدنيا بأهلها.

  ٢٨١ - وسألت عن قول الله سبحانه: {فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ٩}⁣[محمد: ٩]، فقلت: ما هذه الأعمال التي أحبطها الله، وهم فلم يؤمنوا فيكون لهم أعمال؟!

  وهذا - أحاطك الله - فخبر عن فعل من مضى، ممن لم يقبل إلى الهدى، وهو وعيد لمن بقي من أهل الدنيا، ممن يدعي الإسلام، وغيرهم من سائر الأنام، إلى يوم الدين وحشر العالمين.

  فأما أعمال من لم يؤمن بالله ورسله، فإنه لم تكن أمه من الأمم إلا وهي تعلم أن