ومن سورة الحجرات
  ٢٨٦ - وسألته عن قول الله سبحانه: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ} ... إلى قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ٧}[الحجرات: ٧]؟
  فقال: هذا خبر يخبر سبحانه بتوفيق الله لنبيه، لمعرفته بما جهله غيره في الأحكام، والرأي في جميع أمور أهل الإسلام، فيقول سبحانه: لو أطاعكم الرسول في ما تهوون وتريدون، وتشاءه قلوبكم وتظنون، من طرق كثيرة، وأسباب تميلون إليها جليلة، وحمية وعصبية، لقد عنتم، ومعنى العنوت هو: هلكتم عند الله وعطبتم، ثم أخبر سبحانه بمنته عليهم في أياديه العظيمة لديهم، في ما مَنَّ به فيهم، من تحبيب الإيمان إليهم، وإدخاله في قلوبهم، وتبغيض ما كانوا عليه أولا من الكفر إليهم، وإخراج كل ما كانوا فيه بُدِيَّا من صدورهم، حتى عادوا لجهالتهم الأولة مبغضين، ولما دخلوا فيه من محض الحق محبين، حتى صاروا برحمة الله لله ولرسوله مطيعين، وعن عصيانهما نازحين، فصاروا لله من بعد العداوة أولياء، وبحقائق الإسلام من بعد الكفر أتقياء.