ومن سورة الحجرات
  فقال: معنى {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} هو لا يقع بعضكم في بعض بالباطل، ولا يؤذيه بالكذب، والوقيعة فيه بالمحال، ومعنى {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} فالتنابز هو: التداعي بالألقاب، وتسمية بعضهم بعضا بها، والألقاب فهي أسامي مكروهة عند الناس، ينبز بها بعضهم بعضا لينتقصه بذلك، فنهى الله من كان كذلك عن العودة إلى ما يورُّث الشحناء، ويوقع البلية أهل أهل التقوى، ثم ذكر سبحانه أن من فعل هذا بعد أن نهاه عنه، فقد دخل في اسم الفسوق بالمعصية لله، إذ نهاه عن ذلك، فقال: {بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} يقول: بئس الرجل رجل عصى، فسمي بعد ما كان مطيعا بفعله ومعصية فاسقا، فبئس البدل من تبدل الفسق بالإيمان، ومعنى قوله: {لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ١١} يقول سبحانه من لم يتب عما نهي عنه من التنابز وغيره، فهم الظالمون لأنفسهم، بما أوقعوها فيه من الهلكة عند الله على فعالهم.
  ٢٨٩ - وسألته عن قول الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ} ... إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ١٢}[الحجرات: ١٢]؟
  فقال: هذا نهي من الله سبحانه لعباده عن سوء الظن بإخوانهم المؤمنين، الذين قد عرفوا منهم محض الإيمان، وأيقنوا منهم بترك معاصي الرحمن، ثم اخبر سبحانه أن من ظن بأخيه المؤمن ماقد علم منه خلافه من التقوى، فقد دخل في