ومن سورة الحجرات
  أنه قال: «أن الله يبغض البيت آكل اللحم» يريد: الذي يوقع فيه بالمؤمنين، ويغتابون ويوذون، وبالباطل فيه يرمون، وفي ذلك ما روي عنه صلى الله عليه «حين رجم ماعز بن مالك الأسلمي الذي أقر عنده بالزنا فرجمه، ثم انصرف والمسلمون معه فقال طلحة والزبير: انظروا إلى هذا الذي ستر الله عليه، فلم يستر على نفسه حتى رجم مرجم الكلب، فسمعهما رسول الله صلى الله عليه وعلى وآله فسكت عنهما، حتى أجاز بجيفة حمار شاغر برجله فوقف ثم قال: لهما: انزلا فأصيبا من هذه الجيفة، فقالا: نعيذك بالله يا رسول الله، أناكل الميتة ونصيب منها؟! فقال صلى الله عليه: لقد أصبتما من أخيكما آنفا أعظم مما تصيبان من هذه الجيفة، إنه الآن ينقمص في أنهار الجنة»، يريد: لما أصبتما من ماعز بن مالك من الأذية والاغتياب، أعظم عند الله من أكلكما هذه الميتة، لأن الله سبحانه قد حرم اغتياب المؤمنين، كما حرم أكل الميتة، ثُمَّ للمؤمنين حرمة ليست للميتة، فمن عصى الله بقطيعة رحم ذي حق، فاغتيابه أعظم من إصابته من الميتة المحرمة، التي لا حرمة لها مع تحريمها.