ومن سورة ق
  وذهابها، فقال سبحانه: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ}؟! يريد: إن كان الخلق الأول أعيانا، وأتعبنا، فسيعيينا إعادته في النشأة الآخرة، وإن لم يكن بُدُءٌ وخلقكم أعيانا، فإن ردكم هو أهون من ابتدائكم علينا، ثم قال {بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ١٥} أي: بل هم في شك من ردنا لهم بعد البلاء في خلق جديد.
  ٢٩٧ - وسألته عن قول الله سبحانه: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ١٨ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ١٩}[ق: ١٨ - ١٩]؟
  فقال: يخبر الله سبحانه بحفظ الحفظة له، الذين عن يمينه وعن شماله وهما الملكان اللذان ذكر الله أنهما: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ١٧}[ق: ١٧] يحفظان عليه كل لفظه وفعله، وهما الرقيب العتيد، الذي مع كل آدمي، والرقيب فهو: المحصي لفعل كل فاعل، والعتيد فهو: الثابت الراتب الذي ليس بمفقود، {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ} فهي: عشية الموت وشدته، وإزالته لعقل الميت وكربته، فشبَّه الله زوال عقل الميت وكربته، وما ينزل به من غشيته، بالسكرة التي تذهب بالعقل وتفسده.