ومن سورة ق
  يقول: لا تختصموا اليوم عندي، {وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ٢٨} يقول: قد قدمت إليكم بالإعذار والإنذار، والوعيد لهذا النهار، فلم ينفعكما إعذاري، ولم يردعكما عن المعصية وعيدي، فاليوم لا يبدل القول لدي، وتبديله فهو: تحريفه، والتحريف فهو: من الكافرين عند تخاصمهم، يقول بعضهم لبعض: هذا بأفعالكم، وهذا بأسبابكم نزل بنا، وحق علينا، وعيد ربنا، ويقول الآخرون: مثل مقالتهم، وينسبون سبب ذلك إليهم فكلٌ يطرح الذنب على صاحبه، ويحيل الإغوا عليه.
  ٣٠١ - وسألته عن قول الله سبحانه: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ٣٠}[ق: ٣٠]؟
  فقال: هذا اليوم يوم القيامة، يوم الحسرة والندامة، ومعنى قوله: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ٣٠} هو قوله لخزنتها: هل امتلأت؟ وكذلك قوله: {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ٣٠}، لما أن كان الخزنة من أسبابها، جاز أن يطرح الخزنة ويكون الخطاب لها، على مجاز الكلام، وهذا في القرآن موجود في اللغة. ومثل ذلك من كتاب الله وقوله سبحانه: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ}[البقرة ٩٣]، والعجل لا يشرب في القلوب، وانما الذي شربه القلب.