ومن سورة الطور
  الوقوع والنزول، و {الْمَنُونِ ٣٠} فهي: الموت، فأمر الله نبيه # أن يقول لهم: {تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ ٣١}، يقول: انتظروا بي فإني أنتظر بكم مثل ما تنتظرون بي، وأعظم من ذلك، مما أرجوه من نزول عذاب الله عليكم. {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ} يقول: أليس يزعمون أن لهم أحلاما وعقولا؟! أفحلامهم تأمرهم، وتدلهم على المكابرة للحق، وقول الباطل، {أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ٣٢} يريد: أم هم، قوم قد طغوا عليك، فسينزل بهم البلاء على طغيانهم، ويحل بهم النقم على كفرهم، معنى {أَمْ يَقُولُونَ} تقوله يريد: أم يقولون أنه كذبة، وادعا أنه من الله، وليس من الله، {بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ ٣٣}، يقول: بل هم لا يصدقون أنه من الله.
  {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ٣٤} يريد سبحانه: إن كانوا صادقين أنك تقولته، فليأتوا بحديث مثله، يريد: بقرآن مثله، لأنه إن كان منك فسيقدرون على أن يأتوا بمثل ما أتيت به، وإن كان من عندنا فلن يقدروا على ذلك أبدا.
  ثم قال سبحانه: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ٣٥} يريد: أفلا يعتبرون فينتظروا في خلقهم! أمن غير شيء خلقوا؟! أم من شيء جعلوا فإن نظروا فسيبين لهم من أثر صنعنا، ما يدلهم على أن ما جئت به من عندنا، ثم أنتظروا أهم الخالقون؟! أم غيرهم الخالق؟، فإن أقروا بخلق غيرهم لهم، وبأنهم لم يخلقوا أنفسهم، فسيعلمون أن الذي أرسلك إليهم، هو الخالق لهم.
  {أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ ٣٦ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ