تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الطور

صفحة 102 - الجزء 2

  الْمُصَيْطِرُونَ ٣٧}، فكل هذا يريد سحبانه: أنهم إن كانوا كذلك، وكانوا يفعلون ذلك، فالقول قولهم، وإن كانوا ليسوا بفاعلين ذلك ولا قادرين عليه، فليعلموا أن الفاعل لما عجزوا عنه هو الباعث لك، والمنزل لما معك مما عجزوا أن يأتوا بمثله.

  {أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ ٣٧}، يريد أم هم المستحصون لكل الأشياء، الموكلون عليها، الحافظون لقليلها وكثيرها، فلن يكونوا كذلك أبدا، ولن يكون غير الله كذلك، ولن يعلمه ويحصيه سواه.

  {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ٣٨}، هذا مثلٌ مَثَّله الله تبارك وتعالى، يقول: أم لهم سلم يرقون فيه إلى السماوات، حتى يسمعوا وحي الله الذي ينطق به ملائكته عنه، فإذا ذلك كذلك عندهم، فليأت الذي استمع في السلم لهم {بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ٣٨}، أي: بحجة تدل على ذلك ويبيِّنه، وإلا فهم مبطلون، والحجة فهي: السلطان والمبين: بَيِّنٌ الظاهر.

  {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ ٣٩}؟! هذا إنكار من الله لقولهم أن الملائكة بنات الله، فقال الله تبارك وتعالى: هل يكون ما قلتم من ذلك، أويجوز أن يُصِفكم بالبنين ويدع لنفسه البنات، لو كان كما تقولون، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، وتقدس عما يقول فيه الكافرون تقديسا عزيزا كريما.

  {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ ٤٠}⁣[الطور: ٤٥] يقول: أم هذا الصدق والمنافرة لك، لأجر سألتهم إياه؟! والأجرة فهي: الآجرة على ما جاء به،