ومن سورة النجم
  بأسرهم في مذنب واحد، ممن قد حق عليه الوعيد، لم ينفعه ذلك، ولم تجد شفاعتهم عند الله فيه، إلا من بعد أن يأذن الله للمستشفعين، فيشفعوا للمؤمنين، الذين قد رضي الله سعيهم، فتشفع لهم الأنبياء في زيادة الثواب وكثرة العطا، وبلوغ ما لا يبلغونه بأعمالهم من الأشياء.
  ٣٢١ - وسألته عن قول الله سبحانه: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ}؟
  فكبائر الإثم والفواحش فهو: ما وعد الله عليه النار، {إِلَّا اللَّمَمَ} واللمم هو: ما ألم به الإنسان من غير تعمد ولا قصد ولا إرادة، {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} معناه: كثير المغفرة، {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} يقول: هو عالم بكم وبأخباركم وبما يكون منكم إلى يوم القيامة، فقد علم ذلك كله منذ وقت أنشائه لكم من الأرض، ومعنى {أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} فهو: خلقه لآدم # في بدئ الخلق من التراب والأرض، {وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} يقول: إذ أنتم مستجنون في بطون أمهاتكم، قبل خروجكم إلى الأرض، فهو: يعلم ما ستفعلون عند كبركم، وبلوغ أشدكم، {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ٣٢} يقول: لا تقولوا أنكم أزكياء ولستم بأزكياء، ولا تسموا أنفسكم أتقياء، وأنتم تعملون غير عمل أهل التقوى، {هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ٣٢} أي: بمن آمن واهتدى واستوى.
  {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ٣٣ وَأَعْطَى قَلِيلًا} يقول: ممن أعطا حق الله قليلا، وأكدى على كثير منه، ومعنا أكدى فهو: منع وأبى أن يدفع ما عليه من حق الله،