تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة النجم

صفحة 112 - الجزء 2

  فقال تبارك وتعالى: {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ٣٥} في ما فعل أنه لا يعاقب عليه {فَهُوَ يَرَى ٣٥}، أي: فهو يعلم ما له وعليه في ذلك، {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى ٣٦ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ٣٧}، الذي في كتبهما ª فهو ما ذكر أنه {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ٣٨}، ومعنى {وَفَّى ٣٧}، فهو: بلّغ وأدّى، ومعنى {وَازِرَةٌ} فهي: حاملة، يقول: لا تحمل حاملة حمل أخرى، وهذا مثل، فالذي لا يحمل هاهنا فهو: العمل، لا يحمله غير صاحبه، أي: لا يلزم عمل واحد غيره، بل كل إنسان مأخوذ بعمله دون غيره.

  {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ٣٩} يقول: ليس يجب للإنسان ولا عليه إلا عمله، {وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ٤٠}، يقول: عمله سوف يظهر، ويوجد غدا عند الله جزاءه، ألا ترى كيف يقول: {ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ٤١} يقول: يعطى عليه العطاء الأوفى، من خير وشر، و {الْأَوْفَى ٤١} فهو: الذي لا يزيد ولا ينقص.

  {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ٤٢}، يقول: إلى الله المصير غداً، {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ٤٣}، يخبر سبحانه أنه الذي جعل في الإنسان استطاعة الضحك والبكاء، وركب فيه السخط والرضاء، {وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ٤٤} يخبر أن الموت منه والحياة، في مبتدأ الخلق، والإعادة بعد الموت والإنشاء.

  {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ٤٥ مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ٤٦}، فأخبر أنه يريد النطفة في الرحم حينا ذكراً، وحينا أنثى، حتى خلق من هذا الماء المهين الزوجين، اللذين منهما يكون نسل الآدميين.