ومن سورة البقرة
  قد فرض لها، ثم طلقها من قبل أن يمسها بنصف ما سمى لها، فهذا هو معنى الجناح هاهنا.
  ٣٢ - وإن سأل عن قول الله سبحانه: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً}[البقرة: ١٧١] كيف يشبه الذين كفروا بالناعق؟ ثم قال: {بِمَا لَا يَسْمَعُ} والناعق سميع بصير، فإن كان مَثَّلهم بالبهائم فكان مجاز الكلام إن يقول: كمثل الذين نعق به؟
  قيل له: يا جاهل ذا ارتياب، ويا جائر عن الصواب: إن الله تبارك وتعالى إنما شبَّه الذين كفروا بالبهائم التي تنعق، لقلة أتباعهم وقبولهم، وقلة معرفتهم بما جاءهم من ربهم، فشبههم في قلة استماعهم بالبهائم التي لا تمييز لها، فأما قوله: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ}، فهو مثل ضربه الله لهم، فمثلهم بغنم راعي سامت فظلت، وتتابعت فذهبت، فأزاعها صاحبها فلم يجدها، فعلا شُرفاً من الأرض لها، وأقبل ينعق بها، ويناديها وهي لا تسمعه، وهو في دعاء ونداء وهي سائمه ترعى، ولا تجيب له صوتا، ولا تألوه فوتا، كذلك الذين كفروا حالهم في ترك الإجابة إلى الحق، كحال هذه الغنم المستعجمة من الخلق.