ومن سورة الرحمن
  وهو بُديّ الناس والذي تفرعوا منه كلهم، والصلصال فهو: الطين اليابس الذي يتصلصل إذا حرك عند يبسه، وصدم بعضه بعضا، {كَالْفَخَّارِ ١٤} يقول: هذا الطين في اليبس والصلصلة كالخفار، الذي صوته إذا ذقر بعضه ببعض، وإنما كان آدم صلصالا من بعد تصوير الله له جسما، طينا لازبا طبا متعلكا.
  {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ ١٥} والجان هي: الجن كلها، والمارج الذي خلقت الجن منه، فهو: اللسان الذي ينقطع ويذهب في الهوى من النار، إذا أججت وأوقدت، وهو خالص النار وحقيقتها، وإنما سمي: مارجا لمرجه في الهوى، ومرجه فهو: ذهابه وسرعته، تقول العرب: فلان قد مرج، أي: قد ذهب في معناه وأسرع.
  {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ١٦ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ١٧}، فقد تقدم تفسير {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ١٦}، والمشرقان والمغربان فهما: مشرقا الشمس والقمر ومغرباهما، من حيث يطلعان في الصيف ويغيبان، وذلك أن لهما في الشتاء مطلعا ومغربا، وفي الصيف مطلعا ومغربا غير مطلع الصيف ومشرقه.
  {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ١٩ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ ٢٠} {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} معناها: خلقهما وجعلهما وبعثهما، وإخراجهما وأسباحهما على وجه الأرض، كاحتجاجنا في قوله: {مَرَجَ}، وفي قول العرب: مرج الإنسان، وقد تقدم شرح ذلك في أول السورة. والبحران فهما البحر المالح والبحر العذب وهو الذي