ومن سورة المنافقون
  تعتبر بشيء من أمر خالقها، واستوى عندهم الحق والباطل، كما استوى عند الخشب المسندة فكلٌ لا يفهم رشده ولا يميز أمره، فبعدا لأصحاب السعير.
  ثم أخبر سبحانه نبيئه صلى الله عليه واهله بما يلقون من الفزع من الحق وأهله، وما يخشون من سطواته على عدوه، فقال سبحانه: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ٤} معنى {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} هو: يظنون أن كل دعوة دعوتها، أو وثبه وثبتها، ونهضة نهضتها، إنها عليهم وإليهم، وأنك تريدهم بها وتقصدهم، وأنك لا تريد غيرهم، ولا تفعل ذلك إلا للبطش بهم. والصيحة فمعناها: الوثبة والنهضة، ودعا، الرعية، وجميع الرجال، فكانوا كلما تحرك رسول الله صلى الله عليه آله لمواثبة عدو توهموا أنه يقصدهم، وأنه بذلك يريدهم دون عدوه من غيرهم، وذلك لما في قلوبهم من الريبة والبلاء والكفر بالله العلي الأعلى، والمعادات لرسوله المصطفى، فأعلمه الله بذلك من أمرهم، وأطلعه بما أخبره به سبحانه بما من سوء ضميرهم.
  ثم قال سبحانه: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ}، ومعنى {هُمُ الْعَدُوُّ} أي: أولئك الذين يفعلون هذا هم أعداؤك حقا، وحربك دون غيرهم صدقا، والعدو فهو: المحارب والمبغض والمناصب، والمدغل والداخل لرسول الله ÷ بنوغ من أنواع الفساد كائن ما كان معنى {فَاحْذَرْهُمْ} أي: أتق شرهم ومكرهم، وكن على حذر ولا تأمنهم في شيء من أمرك، ولا تثق بهم في سبب من