ومن سورة المنافقون
  عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ٦}، معنى {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ} هو: سواء عندهم لفسقهم، {أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} إذ هم بك مكذبون، وعلى الله مجترون، فهم لا يوقنون بك فيطلبوا استغفارك، ولا يصدقونك فيتبعوا دينك، وقد يكون معنى {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ}: أن يكون الله تبارك وتعالى أخبر نبيئه صلى الله عليه وعلى آله أنه لن يقبل استغفاره لهم لو استغفر، إذ هم مصرون على كبائر عصيانه، والتكذيب بآياته وقرآنه، فأخبر أن استغفاره لمن كان ضميره كذلك، وإمساكه عن الإستغفار لهم سواء؛ لأن الله سبحانه لا يغفر إلا لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى، فأما من لم يتب، وكان ضميره فاسدا، فلن يغفر الله له سبحانه أبدا.
  ومعنى {أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ} فهو: سألت الله المغفرة لهم، {أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} يقول: أم لم تسأل المغفرة لهم، {لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} يقول: لن يتوب الله عليهم، ولن يغفر عنهم، ولن يغفر أبدا لهم، ألا تسمع كيف يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ٦}، يقول: لا يسدد ولا يوفق ولا يغفر ولا يرشد القوم الفاسقين، والفاسقون: فهم الفسقة في الدين، والفسق في الدين، فهو: التكذيب بالحق المبين، والعنود عن شرائع الدين، وفيما قلنا به من ذلك ما يقول الله {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ٨٠}[التوبة: ٨٠].
  ثم أخبر سبحانه بما يقولون ويلفظون، وبه في أنديتهم يأتمرون، فقال: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ