ومن سورة المنافقون
  السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ ٧} فهذا قول عبدالله بن أبي سلول وأصحابه والمنافقين، فأخبر أن هؤلاء الذين لا يقبل استغفار الرسول لهم، لما قد علم الله من سوء ضميرهم، {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ} ومعنى {لَا تُنْفِقُوا} يقول: لا تعينوا ولا تواسوا من عند رسول الله من المهاجرين الواردين من آفاق الأرض عليه، {حَتَّى يَنْفَضُّوا} يقول: حتى يذهبوا ويفترقوا إذا مسهم الضر، ونالهم البلاء، فاخبر سبحانه أن له خزائن السماوات والأرض، وخزائنهما فمعناها: ملكهما وملك جميع ما فيها، من الأرض من الارزاق، في جميع الآفاق، وأنه يرزق من يشاء بغير حساب، وأنه لن يضيع المؤمنين إذا أخلصوا نياتهم، وصبروا على أمره في جميع أسبابهم، فإنه سيأتيهم برزقهم من حيث لا يحتسبون، وسيأتيهم برزقهم من حيث لا يرجون، {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ ٧} يخبر أن المنافقين لا يعلمون ذلك، ولا يوقنون به، ولا يتوهمون أن رزق أصحاب محمد # إلا منهم لا من عند ربهم، بل الله سحبانه هو الرزاق للصنفين، المؤمنين والمنافقين، نعمة منه على من أمر به وإكمالا للحجة على من كفر به.
  ألا تسمع كيف يقول يحكي قولهم حين يقول: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ٨} فهذا قول عبدالله بن أبي سلول وأصحابه - لعنهم الله - معنى {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ} يقولون: لئن قدمناها وصرنا إليها، {لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} كأنهم - لعنهم الله - يعرضون بأنهم هم الأعزون، وأن أصحاب رسول الله هم الأذلون، وقد كذبوا - عليهم لعنة الله - بل هم الأذلون، وأصحاب رسول الله هم الأعزون، ومعنا قولهم: {لَيُخْرِجَنَّ} فهو: ليطردن، ولينحين منها، وليخرجن عنها، ألا تسمع كيف يقول الله في إكذابهم،