ومن سورة المنافقون
  ودفع قولهم، وأبطال لفظهم، وإثبات العزة له ولرسوله وللمؤمنين، فقال سبحانه: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} والعزة فهي: القدرة والقوة والبطش، ونفاذ الأمر والنهي، {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ٨} معنى {وَلَكِنَّ} هو: معنى التكذيب لقولهم، وإثبات الكذب عليهم، وهي كلمة تستعملها العرب في مثل هذا، ترد بها كذب الكاذب، وباطل المبطل، وتوجب الجهل عليه في قوله، {الْمُنَافِقُونَ} فهم: أهل الكذب والنفاق، وقول المحال والشقاق، {لَا يَعْلَمُونَ ٨} يقول: لا تفهمون ولا يدرون، ما يأتون وما يذرون.
  ثم أمر سبحانه المؤمنين بما فيه نجاتهم، والبعد لهم من شبه غيرهم، مما ينسب إلى النفاق والكفر، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ٩}، فمعنى {يَا أَيُّهَا} فهو: يا هؤلاء الذين آمنوا، فمعنى {آمَنُوا} فهو: صدقوا وأيقنو، {لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ} يقول: لا تشغلكم أموالكم، {وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} والأموال فهي: الأموال المعروفة من الذهب والفضة التي يستغنى بمعرفتها عن شرحها، من الذهب والفضة، والحرث والأنهار، والأشجار والثمار والأنعام، التي تشغل الفاسقين عن الله، وتلهي المنافقين عن ذكر الله، وتمنعهم محبتهم والاستغال بها عن طاعة الله، والأولاد فهم: البنون المحبوبون المترين بهم، المفتخر بكثرتهم، الذين يلهون آباهم بالمحبة لهم مع الجدة لهم في أموالهم، عن ذكر الله سبحانه إذا لم يكونوا من المؤمنين، فأمر سبحانه بالحذر من الاشتغال عن الله بالأموال والأولاد، كما يفعل من لا دين له من العباد.
  ومعنى {عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} فهو: عن طاعة الله، والعمل بمرضاة الله، ألا تسمع كيف يقول الله سبحانه: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ٩}، ومعنى {أُولَئِكَ} فهم الذين يفعلون ذلك فهم الخاسرون.