ومن سورة التغابن
  عَذَابٌ أَلِيمٌ ٥}، معنى {أَلَمْ} فهو: أليس، و {يَأْتِكُمْ} فمعناها: يجيئكم، ويصل بكم ويبلغكم، فأراد بقوله: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ} أليس قد جاءكم؟ فطرح (قد) لان (ألم) تقوم مقام (أليس)، وقد جمعتا في لغة العرب، وكذلك {يَأْتِكُمْ} تقوم مقام جاءكم في اللغة العربية، {نَبَأُ} فمعناها: خبر، {الَّذِينَ كَفَرُوا} ومعنى {كَفَرُوا} فهو: كذبو وصدوا، وأنكروا وجحدوا، {مِنْ قَبْلُ} فهو: من أول الأمر، {فَذَاقُوا} فمعناها: فوجدوا وعاينوا عقوبة صنعهم، وواقعوا جزاء فعلهم، ومعنى {وَبَالَ} فهو: نكال وعقوبة أمرهم، و {أَمْرِهِمْ} فمعناه: فعلهم، ومعنى فعلهم فهو: ما كان من أجتزائهم وكفرهم.
  {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٥} يقول: في الآخرة عذاب أليم، والعذاب فهو: التعذيب بالنار، والنكال من الله لهم، والتنكيل، فأخبر سبحانه بقوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٥} أن الذي ذاقوا، أي: بما عملوا من وبال كان في الدنيا، وأن في الآخرة لهم من العذاب ما هو أنكى، وأشد وأبلى.
  ثم أخبر سبحانه بما ذاقوا ذلك كله من عذاب الدنيا، وعذاب الآخرة التي تبقى، فقال سبحانه: {ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ٦}، معنى {ذَلِكَ} نزل ذلك العذاب بهم في الدنيا والآخرة، لأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات، ومعنى {بِأَنَّهُ} فهو: لأنه ومعنى {كَانَتْ} فهو: إخبار عن فعل الرسل À، وإتيانها بالنذر إليهم وإشهادها الله سبحانه عليهم {تَأْتِيهِمْ} فمعناها: تجيهم، وتصير إليهم، {رُسُلُهُمْ} معناها: الرسل المرسلة إليهم، فلما إن كانت مرسلة إليهم، شاهدة عليهم، جاز أن يقال: رسلهم، وإنما هي رسل الله لإرسلهم،