ومن سورة التغابن
  لا يبعثون، فلما أن طرح لا، وأثبت مكانها لن، ولن حرف ينصب ما بعده، ذهبت النون من يبعثون علامة للنصب، فبقي يبعثوا، ومعنى {يُبْعَثُوا} فهو: يحيوا ويحشروا، ويردوا بعد الموت أحياء وينشروا.
  ثم أمر سبحانه نبيئه صلى الله عليه وعلى آله بإكذاب قولهم، والرد في زورهم عليهم، فقال: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ٧}، معنى {قُلْ} هو: أمر من الله بقول ذلك لهم، وإيقاعه في أسماعهم، {بَلَى وَرَبِّي} فهو: قسم أمره أن يقسم بربه على بعثهم إنه لكائن، ومعنى {بَلَى} فهو: إيجاب لقوله، وإكذاب لقولهم، وهي كلمة تستعملها العرب يوجب بها المتكلم إذا قالها قوله، ويكذب بها قول محاجة، ويدفع بها قول مناظره، {وَرَبِّي} فهو: خالقي، ومعنى {وَرَبِّي} فهو: وحق ربي، {لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ} معناها: لتخرجن من قبوركم، ولتحشرن إلى ربكم، ولتبعثن أحياء بعد موتكم، {ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ} معنى {ثُمَّ} فهو: معنى الواو، ينسق يها كما نسق بالواو، يريد: لتبعثن ولتنبؤن، ومعنى {لَتُنَبَّؤُنَّ} فهو: لتخبرن ولتحاسبن، ولتجدن جزاء فعلكم، ولتجازون بما عملتم، ومعنى الباء، التي في {بِمَا} هو: على، لأن الباء من حروف الصفات، وعلى من حروف الصفات، فقامت الباء مقام على، لأن حروف الصفات يعقب بعضها بعضا، وأراد: لتجازون على ما عملتم، كذبكم وكفرانكم، وظلمكم وجحدانكم، فأراد الله تبارك وتعالى بقوله: {لَتُنَبَّؤُنَّ} في هذا الموضع لتجازن، ولتعاقبن على فعلكم، ولم يرد لتخبرن عن فعلكم الذي تقدم منكم، لأنهم عالمون بما تقدم من فعلهم،