تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة التغابن

صفحة 189 - الجزء 2

  وليس التذكرة لهم بأفعالهم هو المعنى الذي قصده الله في هذا الموضع، وإنما قصد الجزاء، يقول سبحانه: {لَتُنَبَّؤُنَّ} أي: لتعلمن ولتجدن عقوبة كفركم، عندما يكون من بعثكم في يوم حشركم، {وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ٧} معنى {ذَلِكَ} يعني: البعث والحساب والجزاء، وقول: {عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ٧}، يقول: على الله سهل هين حقير ثم أمرهم سبحانه بالإيمان به وبرسوله والنور الذي أنزل، إحتجاجا منه عليهم، وتثبيتا لحجته فيهم، فقال ، عن أن يحويه قول أو يناله: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ٨}، معنى {فَآمِنُوا} فهو: أمرٌ من الله لهم بالإيمان، والإيمان فهو: التصديق، يقول: صدقوا بأمر الله وبرسوله، يقول: وصدقوا بالنور الذي أنزلنا، والنور فهو: الحق الذي جاء به رسوله إليهم، من أمره ونهيه، وإعذاره وإنذاره، وكلما ذكر لهم من خبره، من بعث أو حساب، أو نشر أو ثواب، {الَّذِي أَنْزَلْنَا} يقول: أوحينا وجعلنا لكم، وأمرنا الرسل بتتبليغه إليكم، {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ٨} يخبر أنه سبحانه بكل ما يفعلون عليم، فخبير معناها: عليم، أي: لا يسقط عنه من ذلك شيء صغير ولا كبير، يسيرٌ كان ولا كثير.

  {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ}، معنى {يَوْمَ} فهو: يوم القيامة، ومعنى {يَجْمَعُكُمْ} فهو: يحشركم ويبعثكم، ويأتي بكم من آفاق الأرض إلى هذا المقام، الذي جعله لكم محشر ا، ولجمعكم موقفا، {لِيَوْمِ الْجَمْعِ} لهم، فمعنى {لِيَوْمِ} فهو: إلى يوم، {الْجَمْعِ} فهو: الحشر للخلق، والجمع لهم إلى موقف الحق.

  {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} معنى {ذَلِكَ} فهو: دلالة على ذلك اليوم ألا تسمع كيف يقول: {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} يخبر سبحانه ان ذلك اليوم هو يوم والتغابن،