ومن سورة التغابن
  فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ١٢} معنى {أَطِيعُوا اللَّهَ} فهو: اتبعوا أمر الله في كل ما يأمركم به فافعلوه، وما ينهاكم عنه فاتركوه، {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} فيما يأمركم به من أمرنا، ويبلغكم من رسالتنا، ويفترض عليكم من فرضنا، {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ} يقول: فإن اعترضتم وكذبتم، ولم تقبلوا على الرسول، ولم تأتمروا بما أمركم به من أمرنا، {فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ١٢} يقول: فإنما عليه أن يبين البلاغ لكم، ويبلغكم ما به أمركم ربكم، وليس عليه أن يخبر قلوبكم، ويصلح سريرتكم، كما عليه أن يصلح علانيتكم، إنما عليه صلى الله عليه وعلى آله يضربكم بالسيف حتى تسلموا لما بلغكم عن الله، وأمركم به من دين الله، وليس عليه صلاح قلوبكم، إذ كان غير قادر على ذلك منكم، لأنه لا يعلم الغيب إلا الله، ولا يطلع على السرائر إلا الله، و {الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ١٢} فيقول: البلاغ الظاهر النير، الذي لا يخفى منه شيء ولا يستتر.
  {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ١٣}، فأخبر سبحانه أن المرسل بالبلاغ المبين هو الله، الذي لا إله إلا هو، ومعنى {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} فهو: لا إله غيره، ولا خالق سواه، وهو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}[الشورى: ١١]. ومعنى قوله: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ١٢٢} فهو: أمر منه سبحانه للمؤمنين، أن يكونوا عليه متوكلين، وبه في كل أمرهم واثقين، ومعنى {فَلْيَتَوَكَّلِ} هو: فليتعمد وليتكل، ومعنى يتكل فهو: يثق به في كل أمره، ويتكل على كفايته له في كل شأنه، قوله: {الْمُؤْمِنُونَ ١٣} فهم: عباده المنقطعون إليه، والمتكلون عليه.