ومن سورة التغابن
  كيدهم، ونبههم على اتقاء شرهم، ولن يحذر ولن ينبه إلا مؤمنا، ولن يحذر المؤمنين إلا من الفاسقين المخالفين، الذين لا يؤمن مكرهم، ولا بوائقهم، فافهم رحمك الله ما قلنا، وميز بقلبك تفهم ما شرحنا، وتقف على جميع ما ذكرنا.
  ثم قال: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا} فحض سبحانه على العفو، والصفح والغفران لهم، لما بينهم من وشائج الخلطة، من الولادة والنكاح، وأراد بذلك يأمر المؤمنين بالتعطف على من ذكر من الأولاد والأزواج، ما لم يخرجوا إلى المباينة بالمشاقة في المعاداة لأوليائه المؤمنين، من أبنائهم وأزواجهم، ثم قال: {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ١٤} فأخبر أنه غفور لمن استغفره بعد التوبة النصوح البينة، واسترحمه بعد الرجعة عن المعصية.
  ثم قال سبحانه: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ}، يقول: إنها تفتن كثيرا من الجهال عن طاعة الله، وتدخله في المعصية لله، ومعنى {فِتْنَةٌ} فهي: محنة أمتحنتم بها، ليعلم الله أيكم يثبت معها على أصل دينه'، وأيكم تفتنه وترده عن حقه.
  ثم قال: {وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ١٥} يريد: أن عنده سبحانه لمن لم تفتنه الأموال والأولاد، فيخرجه الإعجاب بهما عن الهدى، ويدخله في بحر الهوى، {أَجْرٌ عَظِيمٌ ١٥} والأجر العظيم فهو: الثواب الكريم، والعطا الجسيم.، ثم قال سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا}، فأمر باتقاء الله ومعنى {فَاتَّقُوا اللَّهَ} هو: خافوا الله وراقبوه، في سركم وعلانيتكم، وكونوا خائفين، ولثوابه متجرين، قوله: {مَا اسْتَطَعْتُمْ} يقول: ما أطقتم وعليه قويتم، لأنه سبحانه لا يكلف نفسا إلا وسعها كما قال ﷻ، عن أن يحويه قول أو