ومن سورة الطلاق
  {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}، يقول: إذا بلغن آخر عدتهن، وقضين ما أوجبنا عليهم من مدتهن، {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} يقول: راجعوهن بالأمر المعروف عند الله، وعند المسلمين، الذي يجوز به مراجعتهن، ويحل بكينونته الإفضاء إليهن.
  {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} فمعنى {فَارِقُوهُنَّ} يقول: أتموا لهن ما قد أوقعتم عليهن من طلاقهن، وعزمتم عليه من فراقهن، بالتخلية لهن، والإشهاد بذلك من أمرهن، ومعنى قوله: {بِمَعْرُوفٍ} فهو: بأمر حسن مفهوم، وأمر من المفارقة معلوم، ومعنى معلوم: فهو مشهود عليه، ألا تسمع كيف يقول سبحانه: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} فمعنى {ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} فهما: صاحبا العدل في فعلهما وقولهما، وما يكون من حكمهما، والعدل فهو: الحق والقسط، يقول: أشهدوا على ما كان من الفراق، وانقضاء العدة والطلاق، عدلين من عدولكم، ليكون ذلك أنفع في العاقبة لهن ولكم، وأنجز مما يخاف في ذلك منهن ومنكم، من التعنت والأذى، والإدعاء لغير ما كان من الأشياء.
  {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} معنى {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ}: أدوا ما استشهدتم عليه على وجهه، وأأتوا به على صدقه، والشهادة: فهو ما استودع الخلق من شهاداتهم على ما علموه، مما استرعوه من الأمر واستودعوه، {لِلَّهِ} يقول: أصدقوا بإقامتكم للشهادة، وتأديتكم لما عندكم من الأمانة لله رب العاليمن، الذي افترض ذلك عليكم، وجعل إقامة الشهادة بالحق ديانة فيكم.
  {ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ} معنى {ذَلِكُمْ} فهو: الأمر الذي جعل فيكم، وافترض بحكم عليكم، من إقامة الشهادة، {يُوعَظُ بِهِ} فهو: يؤمر ويخوف به {مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}، فأخبر أنما يوعظ به الموعظون من ذلك،