ومن سورة الطلاق
  وظلمت وتكبرت، ومعنى {عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا} فهو: تكبرت عن الطاعة لأمر ربها، {وَرُسُلِهِ} أي: بالمخالفة لأمر الله، والمشاقة لرسل الله، {فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا} يقول: جازينها جزاء على فعلها، {حِسَابًا} أي: مثلا بمثل من صنعها، ومعنى جازيناها فهو: عاقبناها عقابا شديدا. {وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا ٨} يقول: عذبناها بما أنزلنا عليها من العذاب الأليم، والنكال العظيم، {عَذَابًا نُكْرًا ٨} والنكر من العذاب فهو: المنكر، ومعنى المنكر فهو: الأمر الذي لم ير مثله في العذاب، ولم يكن في أحد من الأمم، فأنكر شديد ما روي منه، وعوين عند وقوعه بأهله، فكان بذلك نكرا، أي: اشتد أمره، وعظم شأنه، واشتد سبيله، حتى كان نكرا عند أهله، ومن سمع به.
  {فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا}، معنى {فَذَاقَتْ} هو: وجدت، ومعنى {وَبَالَ أَمْرِهَا} فهو: عاقبة أمرها، ومعنى {أَمْرِهَا} فهو: فعلها وما تقدم من فسقها. {وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا ٩}، معنى {عَاقِبَةُ أَمْرِهَا} فهو: آخر أمرها، وأمرها ها هنا فهو: حالها، {خُسْرًا ٩} فهو: خسرانا وبلاء، وعذابا وشقاء.
  ثم أخبر سبحانه بما أعد لهم في الآخرة التي تبقى، من بعد ما أنزل بهم في دار الدنيا، فقال سبحانه: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا}، يريد: عذاب النار في الآخرة، التي لا تفنى، ولا تبيد ولا تنقضى أبدا. ثم قال سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}، فمعنى {فَاتَّقُوا اللَّهَ} يقول: خافوا الله وراقبوه واحذروا معاصيه {يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} فهو: ياأصحاب الألباب، الألباب فهي: العقول.