ومن سورة التحريم
  أعلمه بذلك منها وأعلمه بما أفشت من سره عنها {الْعَلِيمُ} فهو: الذي لا يخفى عليه شيء، العالم بالأشياء الذي لا يسقط عنه منها شيء، {الْخَبِيرُ ٣} فهو: المحيط بسرائر خلقه، الذي يعلم ما يصلحهم ويفسدهم، فليس يسقط عنه من أسبابهم، ولا أمورهم قليل ولا كثير، كبير ولا صغير.
  ثم قال سبحانه: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ٤}، معنى {إِنْ تَتُوبَا} فهو: أن ترجعا وتنيبا إلى الله سبحانه، من فعلكما وتتوبا، {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} يقول: فقد مالت عن الحق قلوبكما، وركنت قلوبكما إلى الباطل، {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} فهو: إن تعاونا وتكاتفا على رسول الله صلى الله عليه وعلى أهل بيته وتماليا، {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ} يقول هو: وليه، والدافع عنه، والمعين له، {وَجِبْرِيلُ} فجبريل صلى الله عليه فهو: الملك الأمين، الرسول بين الله ø وبين نبيئه المبين، {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} فهم: أهل الطهارة، والفضائل من المسلمين، ذو الورع والتقوى، والتجريد في أمر الله والهدى، {وَالْمَلَائِكَةُ} فهم: ملآئكة الله المقربون، الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون، معرفة منهم بحق ربهم، وإجلالا بذلك لخالقهم، {بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ٤} بعد ذلك فهو: بعد تولي من ذكرنا من الله سبحانه وجبريل وصالح المؤمنين، {ظَهِيرٌ ٤} فهو: معين لصالح المؤمنين، على مناصرة رسول رب العالمين.
  {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ}، معنى {عَسَى} هي: كلمة إيجاب من الله للمؤمنين، يريد سبحانه بها: الإخبار عن فعله نببيئه صلى الله عليه وعلى آله إن طلق من قد أذاه، وأظهر سره، ولم يستر عليه أمره، فقال سبحانه: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ