تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة التحريم

صفحة 229 - الجزء 2

  في ما حرمه الله عليهما، من مخالفتهما فيما عصتا ربهما، بخيانة ولييه استحقتا النار، بعصيانهما الجبار، {فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} فلم يغنيا معناه: فلم ينفعاهما، ولم يدفعا منهما شيئا مما نزل بهما من عذاب ربهما، {وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ}، معنى قيل فهو: حكم عليهما، فأوجب العذاب، {وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ١٠} يقول: صيرا إليها، وحلا فيها، وادخلاها مع الداخلين، وكونا من سكانها يوم الدين.

  ثم ضرب الله سبحانه مثلا للمؤمنين، الذين يكونون مع الأولياء الفاسقين، فقال: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ١١ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ١٢}، معنى {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا} فهو: جعل الله مثلا ضربه للمؤمنين، الذين هم مع الأولياء الطالحين الفاسقين، ليخبرهم أن ضلال أوليائهم ليس بضآرٍ لهم، إذا أخلصوا لله نياتهم، وقدموا التوبة إلى ربهم، كما لم يضر امرأة فرعون ضلال فرعون، فقال: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ}، فمعنى {قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي} فهو: دعت وسألت ربها بأن يجعل لها في دار الآخرة عنده منزلا، أفضل من منزل فرعون وأكرم، {بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ} فهو: منزلا في الجنة، والجنة فهي: جنة المأوى التي جعلها الله تبارك وتعالى للمؤمنين ثوابا، {وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ} تقول: خلصني من فرعون، ومعنى خلصني فهو: أرحني منه، وأنقلني عنه إليك، {وَعَمَلِهِ} تقول: