ومن سورة التحريم
  أرحني مما أرى من عمله، الذي لا أقدر أن أغيره عليه، {وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ١١} معنى {نَجِّنِي} فهو: تخلصني وتنجيني، وتنقذني من قرب القوم الظالمين، والقوم الظالمون فهم: الظالمون لأنفسهم، بعصيانهم لربهم، وهم قوم فرعون وأهل ملته، الساعون في طاعته.
  {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ}، فأخبر أيضا أنها ضُربت مثلا للمؤمنين، كما ضربت أمرأة فرعون، {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ} فهي: أم المسيح عيسى بن مريم صلى الله عليه {الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} معنى {الَّتِي} فهو: هي، ومعنى {أَحْصَنَتْ} فهو: حفظت وصانت عن معاصي الله فرجها، ولم تصرفه إلى شيء مما يسخط ربها، وفرجها فهو: قبلها {فَنَفَخْنَا فِيهِ} يقول: جعلنا، فيه وجعلنا في رحمها، وصورنا، {مِنْ رُوحِنَا} فمعنى {مِنْ رُوحِنَا} فهو: الروح الذي خلقنا فيه، وهو عيسى بن مريم صلى الله عليه، وإنما نسبه إليه فقال: {رُوحِنَا}، لأنه من خلقه وفعله، مثل قوله: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ}[ص: ٤١]، فقال: عبدنا؛ لأنه من فعله، كما قال: {مِنْ رُوحِنَا} لأنه روح خلقه وصوره، فنسبه إليه، إذ هو فعله، كما نسب العبد إليه، إذ كان من خلقه وفعله، فقال: {فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} يقول: جعلنا في عبدنا المسيح، وخلقناه، وفطرناه وصورناه، من غير ذكر، كما خلقنا غيره في غير مريم & من الذكر، فكان إيجادنا في رحم مريم من غير ذكر كإيجادنا غيره من عبادنا من الذكران، وكان ذلك شيئا سهلا هينا حقيرا، {وَصَدَّقَتْ} فهو: أمنت وأيقنت، وقبلت وأقرت، {بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا} فكلمات ربها هي: وحيه الذي أوحى إليها حين تمثل لها جبريل # بشرا سويا فـ {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ