ومن سورة الملك
  يقول: ليختبركم مما جعل من ذلك لتعلموا في حياتكم بما أمركم به، وتقوموا فيها بما افترض عليكم، ألا تسمع كيف يقول:
  {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ٢} يقول سبحانه: ابتلاكم بالموت والحياة، فجعل الحياة الأولى، وقت اكتساب وبلوى، والحياة والثانية التي بعد الموت وقت الحساب والجزاء، على ما تقدم من العمل في الحياة الأولى، فجعل الحياة الأولى بلوى ابتلاء خلقه فيما أمرهم به من طاعته، ونهاهم عنه من معصيته، ليعلم سبحانه أيهم أحسن عملا، ومعنى {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}: أيهم أشد لطاعتنا اتباعا، ومن معاصينا امتناعا، {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ٢} فأخبر سبحانه أنه العزيز والغفور، فهو المقيل للعثرة، بعد التوبة عند الزلة، المتجاوز عن خطايا التائبين، القابل من المحسنين.
  {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا}، فدل ø على نفسه بما أظهر من فعله، وأبان من قدرته لخلقه، يريد: خلق، أي: أوجد وفطر، وابتدع بعد العدم وصور، {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} فهن: السماوات السبع المجعولات المقدرات، {طِبَاقًا} المجعولات بعضهن فوق بعض، ومعنى {طِبَاقًا} فهو: طبقة فوق طبقة، ومعن طبقة فوق طبقة فهو: سماء فوق سماء حتى ينتهى إلى السماء السابعة التي ليس فوقها سماء.
  {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} معنى {مَا تَرَى} هو: نفي من الله تبارك وتعالى، من أن يكون في خلقه اختلاف ولا ردى، {فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ} فمعناه: فيما جعل الرحمن {مِنْ تَفَاوُتٍ} والتفاوت فهو: الإختلاف، والإختلاف الذي ذكر الله أنه لا يرى في خلقه فهو: اختلاف الأشياء عما جلعها الله فيه، وقدرها