ومن سورة آل عمران
  ومن معه على ذلك من فعلهم، وعَرَّفوهم بما كان من عملهم، وقد يكون الميزُ من الله لهم، بما حكم به في الأخرة عليهم ولهم، من الثواب للمتقين، والعذاب للفاسقين.
  ٤٣ - وسألني: عن قول الله تبارك وتعالى: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ}[آل عمران: ١٥٤] فقال: ما معنى {كُتِبَ}[آل عمران: ١٥٤]، وما الكتاب؟ فقلت: الكتاب يكون على ثلاثة معاني: وكلها - والحمد له - بَيَّنٌ، مبين عند من رزقه الله المعرفة بالكتاب والتفسير:
  فمنها العلم، وهو ما سألت عنه، وما كان في الكتاب، مثل قول الله: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ ٩٤}[الأنبياء: ٩٤] يريد: بكاتبين عالمين، ومثل قوله في آخر سورة الحج: {أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ٧٠}[الحج: ٧٠] يريد سبحانه وجل عن كل شأن شأنه، بقوله في {كِتَابٍ} أي: في علم معلوم، عند الله غير مكتوم.
  والثاني: معنى الحكم من الرحمن، وفي ذلك ما يقول في واضح الفرقان: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} ... إلى قوله: {كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا}[الأحزاب: ٦] فقال: في كتاب، وإنما أراد: في حكم الله. وكذلك قوله: {وَالطُّورِ ١ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ ٢}[الطور: ١ - ٢]، يقول: في الحكم مثبتا