تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الملك

صفحة 238 - الجزء 2

  {خَاسِئًا} والخاسئ فهو: الذليل المتصاغر لنفسه الموقن بصحة ما نظر إليه، ووقف من جليل أمر الله عليه، {وَهُوَ حَسِيرٌ ٤} والحسير: المنقطع الذي قد جهد فلم يعرف، فانحسر عن طرح ما أراد بلوغه، وشاء تناوله ودركه.

  {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ}، قوله: {وَلَقَدْ} فهو: إيجاب منه لذلك، يقول: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا} فهو جعلنا وحسنا، {السَّمَاءَ الدُّنْيَا} بما جعلنا فيها من المصابيح، والسماء الدنيا فهي: السماء القريبة منا، معنى الدنيا فهي: القريبة من الناس. لأن العرب تقول: ذلك الأدنى، تريد: الأقرب إليها، وتلك الدار الدنيا، تريد: الدار التي هي إلى المتكلم أقرب وأدنى، فهذا معنى سماء الدنيا، ولذلك سميت: دار الدنيا؛ لأنها أدنى إلى الخلق وأقرب؛ إذ كانوا فيها سكنوا أولا، فسميت: الأولى؛ لأنها أول الدارين المسكونتين من الآخرة والدنيا، وسميت: دنيا؛ لأنها أقرب إلى أهلها وأدنى، والمصابيح فهي: النجوم التي تبرق وتلوح، وتضيء وتنير في مواضعها وتوقد في أفلاكها.

  {وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ}، معنى {وَجَعَلْنَاهَا} هو: قدرناها وأعددناها، {رُجُومًا} فهي: مراجم يُرجمون بها، ومرامٍ يُرمون بها، والشياطين فهم الأبالسة من مردة الجن المستجنين.

  {وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ ٥} يقول: أعتدنا لمن كان مرجوما منهم عذاب السعير فهو عذاب الجحيم، والجحيم فهي: جهنم، وبئس المصير.

  ثم قال سبحانه: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ٦}