تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الملك

صفحة 241 - الجزء 2

  {نَعْقِلُ} فهو: نفقه، ومعنى نفقهه فهو: نصدق به ونقبله، ألا تسمع كيف يقول قائل العرب لمن يكلمه ويخاطبه: اعلم ما أقول لك. يريد: افهم ما أكلمك به واعقله، واعرف معانيه وافهمه، {مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ١٠} يقولون: لو كنا سمعنا قولهم، وآمنا بما جاؤا به من ربهم، لم نكن في أصحاب السعير، معناى {مَا كُنَّا} أي: ما صرنا {فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ١٠}، والسعير فهي: جهنم، وأصحابها فهم: أهلها، المعذبون الصائرون إليها.

  {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ}، معنى {فَاعْتَرَفُوا} فهو: أقروا بذنوبهم، أي: لم يجحدوا شيئا من أفعالهم، ومعنى ذنوبهم فهو: سيئاتهم، وما كان من عصيانهم لربهم، {فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ ١١} {فَسُحْقًا} معناها: فبعدا، ومعنى بعدا لهم فهو: بعدوا من الثواب، والرحمة في كل الأسباب، {لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ ١١} يقول: لأهل النار.

  ثم يرجع سبحانه إلى صفة المؤمنين، وذكر من ذكر من أوليائهالصالحين، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ١٢}، ومعنى {يَخْشَوْنَ} فهو: يتقون ويخافون، {رَبَّهُمْ} فهو: خالقهم وسيدهم، ومالكم ومقدرهم وجاعلهم، {بِالْغَيْبِ} فمعناها: في الغيب، ومعنى في الغيب فهو: في سرهم، وما تَغَيَّبَ من أمرهم، واستتر عن الناس من أفعالهم، {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} يقول: لهم غفران من الله ورحمة، وعائدة منه سبحانه وكرامة، {وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ١٢} يقول: ثواب عظيم كثير، كبير خطير.