تفسيرسورة القلم
  عندكم جاريا، فلن يروا هذا حقا أبدا، ولن تسموه حكما ولا عدلا، إن أتى وكان من أحد منكم، فكيف تسمونه؟ أو تتوهمون أنه يكون عند ربكم!
  {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ ٣٧}؟! يقول: كتاب منا إليكم وعليكم، فيه ما زعمتم، من أن المجرم، كالمسلم عند الله في الحكم، فانتم {فِيهِ تَدْرُسُونَ ٣٧}، ومعنى {فِيهِ تَدْرُسُونَ ٣٧} فهو: فيه تقرأون هذا الحكم، وهذا الأمر الذي تفكرونه، وتجعلونه وتشرحونه وتسطرونه.
  {إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ ٣٨}، يقول: إن لكم في هذا الكتاب أن كان عندكم بحق وصدق {لَمَا تَخَيَّرُونَ ٣٨}، ومعنى {تَخَيَّرُونَ ٣٨} فهو: تحبون وتريدون، وتبغون وتشاؤن.
  {أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}، معنى {أَيْمَانٌ} فهي: عهود، يقول: أم لكم علينا، ومعنى {بَالِغَةٌ} فهي: لازمة واجبة إلى يوم القيامة، يقول: ثابتة علينا لكم، ومعنى {يَوْمِ الْقِيَامَةِ} فهو: في يوم القيامة، فقامت (إلى) مقام (في)، يريد: أم لكم أيمان علينا، ثابتة في يوم القيامة بالوفاء لكم، بهذا الذي ذكرتم، من أنكم غير معذبين، وأن المجرمين منكم في الحكم عندنا كالمسلمين، وأنهم سواء في الجزآء يوم الدين.
  {إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ ٣٩} يقول: إن كان الأمر منا عندكم كذلك، وكان لكم علينا به عهد في ذلك، فالحكم حكمكم، والقول قولكم، ولكم بذلك علينا ما أردتم مما تشاءون وبه تحكمون، مما يريدون وتحبون.
  ثم قال سبحانه لنبيه صلى الله عليه وعلى آله إنكار ا عليهم في فعلهم، وتكذيبا لهم في قولهم.