تفسيرسورة القلم
  {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ}، معنى {فَذَرْنِي} أي: خلني ودعني، وأوحدني لعقوبته وأفردني، {وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ} فالتكذيب فهو: الإبطال والجحدان، والمكابرة للحق في كل بيان، {بِهَذَا الْحَدِيثِ} فهو: بهذا القول الذي أنزلناه عليك من الوعد والوعيد في الفرقان، وجعلناه أعذارا وإنذارا وحجة لكل إنسان.
  {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ٤٤} معنى {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ} فهو: سنأتيهم ونأخذهم، {مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ٤٤} فهو: من حيث لا يظنون، أنا نأتيهم منه ولا يدرون، حتى يواقعهم أمرنا، وتغشاهم نقمتنا، وهم آمنون فيعاقبوا من ذلك ما كانوا به يكذبون.
  {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ٤٥}، معنى {وَأُمْلِي لَهُمْ} فهو: أوخرهم ولا أعاجلهم، وأتركهم وقتا ولا أغافصهم، ثم إلي مرجعهم، {إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ٤٥} فالكيد هو: الأخذ لهم، والبطش بهم، والانتقام منهم، {مَتِينٌ ٤٥} فهو: قوي رصين. {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ ٤٦}؟! معنى {أَمْ} فهي: هل تسألهم، وهي أن تطلب منهم، {أَجْرًا} فهو: جَعْلَا وعطاء، على ما جئتهم به من الهدى، وما تدعوهم إليه من التقى، {فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ ٤٦} يقول: فهم من الغرم الذي سألتهم إياه، {مُثْقَلُونَ ٤٦}؟! والغرم فهو: العطاء والأجعال، التي يسألون إخراجها من الأموال، {مُثْقَلُونَ ٤٦} فمعناها: مكلفون ما لا يطيقون، من الاجعال الذي يسألون، وأراد سبحانه بقوله: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ ٤٦}: توقيفهم على أنهم لم يُسألوا، على ما أعطوا وأوتوا، من الأمر الذي به خلاصهم من العذاب، وفكاك رقابهم من العقاب، جعلا، ولا عطاء ولا مالا، وأن ذلك من الله نعمة وابتدا، وعائدة وعطا.