تفسيرسورة القلم
  {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ ٤٧}، معنى {أَمْ} يقول: هل عندهم {الْغَيْبُ} هو: علم الغيب، {فَهُمْ يَكْتُبُونَ ٤٧} أي: فهم يحصون ويعرفون ما يرجعون إليه، ويعودون فيعلمون بعلمهم الغيب ما يقولون، فيكونوا على بينه مما يصنعون، ويكونوا قد أحاطوا بعاقبة أمرهم، وفهم ما يلقونه في يوم حشرهم، فإن كان ذلك كذلك، فهم على بينه من ذلك، وإن كانوا لا يعلمون الغيب، فإنما يتكلمون بالكذب والريب، والمحال، في القول والفعال، فأخبر بذلك سبحانه أنهم غير عالمين بشيء من غيبه، ولا مطلعين على شيء من أمره، وأنهم فسقة كاذبون، فجرة معذبون.
  ثم أمر نبيئه بالصبر له وفيه، فقال سبحانه: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ ٤٨}[القلم: ٤٨]، معنى {فَاصْبِرْ} فهو: احتمل ولا تجزع، وألزم نفسك عند الغضب والغم ولا تهلع، {لِحُكْمِ رَبِّكَ} يقول: لأمر ربك، الذي حكم به عليك، من الصبر عليهم والتبليغ لرسالته إليهم، وإثبات الحجة بذلك عليهم، {وَلَا تَكُنْ} يقول: لا تفعل كفعل {كَصَاحِبِ الْحُوتِ}، وصاحب الحوت فهو: يونس صلى الله عليه، الذي التقمه الحوت، فكان في بطنه إلى ما شآء الله أن يكون.
  {إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ ٤٨} معنى {إِذْ} فهو: حين، {نَادَى} فهو: سأل وناجى، {وَهُوَ مَكْظُومٌ ٤٨} يقول: وهو مكروب، فأخبر سبحانه بمناجاة يونس صلى الله عليه، وسؤاله لربه وهو في حالة شدته وكربه، إذ هو في جوف الحوت مكظوم، وشده الحال التي هو فيها مغموم مهموم، فنادى ربه وذكره، وسأله النجاة واستغفره، فنجاه من كربه، واستخرجه من موضعه، فأعاده إلى ما كان فيه من أمره.