ومن سورة النساء
  وأما قوله: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} فعابر السبيل: مجيز الطريق من أبناء السبيل، الذين قد وقع عليهم اسم السفر، وجاز لهم عند الله ø القصر.
  ٤٦ - وسألت: عن قول الله سبحانه: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ١٦٤}[النساء: ١٦٤]؟
  ومعنى قوله: {كَلَّمَ} فهو: ألقى في أذن موسى # ما القى من الكلام، ولم يكن بينه وبين موسى رسول كما كان بينه وبين سائر الأنبياء، وإنما كان من الله خلق الكلام، وإيقاعه في أذن موسى #، فلما أن كان ذلك كذلك قال: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ١٦٤}، إذ لم يكن بينه وبينه رسول، ولم يكن المؤدي الكلام إلى موسى إلا الله سبحانه، فجاز إذ كان ذلك كذلك، أن يقول: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ١٦٤}، إذ لم يكن بينه وبينه مؤدي غير الله سبحانه، ولا مُسمِع سواه.
  ٤٧ - وسألت: عن قول الله سبحانه: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ}[النساء: ١٧١]؟
  وإنما القاها على لسان روحه إليها، وهو التبشير بعيسى صلى الله عليه، ومعنى الكلمة فهي: الحكم من الله سبحانه لها بعيسى، وأن يجعله في بطنها من غير ذكر، فسماه كلمته، إذ كان بقضائه وقدرته، وإيجاده وفعله، فعيسى صلى الله عليه كلمته، وكلمته فهي: فعله وفطرته وقضاؤه وجِبِلُّه ومجعوله وأمره، الذي ألقاه في مريم وخلقه، وأوجده في الرحم من غير نطفة بذكر، ولا مداناة من ذكر، فتعالى الله العلي الأعلى، الفعال لما يشاء.