تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة النساء

صفحة 178 - الجزء 1

  الله هي الجلود التي عصت، وفي النار أوَّلا أُحرقت، وإنما معنى قوله: {بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} أي: رددنا خلقها وأحييناها بعد مماتها، وصورناها جلودا بعد احراقها، وهي هي بعينها، تحرق وترد وتحرق وترد، كما كانت أوَّلا عند مماتها، ودخلوها في أجداثها، فمزقت وبليت، واضمحلت وفنيت، ثم ردت فعذبت، وخلقت خلقا جديدا بعد امتحاقها، وإنما معنى قوله سبحانه: {بَدَّلْنَاهُمْ} يريد غير الصفة التي كانت عليها، وهي هي على حالها، فتبدل وتنقل وتغير وهي في أنفسها، ومثلها في ذلك: كمثل رطل من فضة صنعت كوزاً، ثم كسرت فجعلت حليا، ثم كسرت فصنعت نعلاً، ثم كسرت فرجعت عقودا، فالفضة هي الفضة بعينها، وأنت تبدلها في الصور والحالات، وتقلبها إلى ما تريد من الصناعات، فهي كوزمرة، وهي حلي تارة، فعلى هذا يخرج معنى ما ذكر الله من تبديل جلود العباد، فتبارك الواحد ذو الأياد.