ومن سورة نوح
  الاقامة عليه، {وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ٧} معناها: تجبروا تجبرا، وخالفوا وعتوا تكبرا.
  {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ٨}، يريد صلى الله عليه: دعوتهم مباينة مكاشفة، وناديتهم بالدعوة مناداة ظاهرة، لا أسترها على أحد منهم، ولا أخفيها عنهم، فهذا معنى {جِهَارًا ٨}.
  {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا ٩}، يريد بقوله: {أَعْلَنْتُ لَهُمْ} أي: أخبرتهم بم ينزل عليهم من العذاب إن عصوا، أو داموا على ما هم عليه وعتوا، {وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ} يريد: كلمتهم في السر بذلك والعلانية؛ لأن الإسرار هو الاخفاء، فيقول: أخفيت دعائي وإعذاري وإنذاري، وأعلنت به، وأثبت من تأكيد الحجة عليهم في ذلك على كل معنى، وأتيت من إكمال الحجة عليهم على الأقصى.
  ثم ابتدأ بعد ما أخبر به من اجتهاده في الدعاء لهم سرا وعلانية الخبر عن قوله لهم قوله: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ١٠}، معنى {فَقُلْتُ} فهو: أمرت، ومعنى {اسْتَغْفِرُوا} أي: توبوا وأرجعوا، بقول: أمرتهم بالتوبة إلى ربهم، والرجوع إلى خالقهم، {إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ١٠} يقول: إنه كان للتآئبين غفارا، {غَفَّارًا ١٠} فهو: غفور، والغفور فهو: العافي عما تقدم، تقول العرب: غفرت لك ذنبك، أي: صفحت عنه وتركته، ولم أعاقبك عليه، ولم آخذك بالجزاء فيه.
  {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ١١}، أي أنكم أن تبتم ورجعتم إلى الله سبحانه وأخلصتم، أرسل السمآء عليكم مدرارا، وإرسال السماء فهو: إرسال ما فيها من المطر لا إرسالها هي في نفسها، والسماء هاهنا فهي: السحاب الذي يكون فيها