تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة نوح

صفحة 319 - الجزء 2

  يرزق ويفعل والجنات: فهي: البساتين ذوات الأنهار، والأشجار والثمار، والأنهار فهي: المياه الجارية المتفجرة الكثيرة، الحاملة العزيرة.

  {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ١٣}، ومعنى {تَرْجُونَ} فهو: تفعلون، ومعنى تفعلون فهو: تصنعون، ومعنى {وَقَارًا ١٣} فهو: إعزازا وإكبارا وإجلالا وإعظاما، يريد #: ما لكم لا توقرون الله وتجلونه وتقدسونه وتنزهونه عما يقولون فيه، وينسبون من الكذب إليه.

  {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ١٤}، والأطوار فهي: الحالات المختلفة، أو الأصناف المفترقة، والشعوب المؤتلفة وغير المؤتلفة، في الألوان والألسنة والخلق والهيئة، وقد يمكن أن يكون الأطوار هي: تنقيل الله لمن يخلقه في الرحم من حال إلى حال، من النطفة إلى العلقة، ومن العلقة إلى المضغة، ومن المضغة إلى العظام، ثم من حال إلى حال، حتى يكمل ما أراد من خلقه، ويظهر ما شاء من فطرته، والمعنى الأول فأحسنهما عندي، وكلاهما فيجوز ولا تمتنع في المعنى.

  ثم احتج عليهم صلى الله عليه بما فيه الشواهد لله على قدرته، وتصديق ما بعث به نبيه # من وعيده ووعده،: {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ١٥}، يقول: ألم تبصروا وتعاينوا أثر قدرته فيما خلق من سمواته السبع الطباق، فيستدلوا بذلك على أنه الله الواحد الخلاق، والطباق فهي: الطبقات طبقة مجعولة فوقها مركبة، بين كل سماء وسماء ما شاء الله سبحانه من البعد والهواء.

  وقوله: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ١٦}، فمعنى {وَجَعَلَ الْقَمَرَ} أي: خلقه وصوره، وجعله فيهن نورا وقدره، فلما كان القمر في