تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة نوح

صفحة 323 - الجزء 2

  {وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا ٢٤}، فهي: دعوة من نوح # على الظالمين أن لا يزيدهم الله إلا ضلالا، والضلال فهو: الخذلان، فسأل الله سبحانه نوح صلى الله عليه أن يزيد مَن عصاه خذلان وشقاء، حتى يكون بذلك مستوحيا للعذاب والبلاء.

  ثم أخبر الله سبحانه بما نزل عليهم من العذاب الذي حل بهم، فأغرق كل من كان منهم فقال: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا}، فمعنى {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ} فهو: بخطيئاتهم أغرقوا، ومعنى {مِنْ} معنى الباء، أراد: بخطيئاتهم أغرقوا، فأقام مِن مقام الباء؛ لأنها من حروف الصفات يخلف بعضها بعضا، وقد تقدم شرحنا في ذلك، وذهبت النون من لأنها أدغمت في الميم فبقي مما خطيئاتهم، وما هاهنا فهي صلة، المعنى فيها: من خطيئاتهم، ومعنى من خطيئاتهم فهو: بخطيئاتهم، فقامت مِن مقام الباء، أراد بخطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا من بعد الاغراق، وخيطيئاتهم فهي: ذنوبهم وعصيانهم لربهم الذي به هلكوا، وبسببه أغرقوا.

  {فَأُدْخِلُوا نَارًا} أي: صُيِّروا إلى النار، وجعلت لهم موضعا وقرارا، {فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا ٢٥} يقول: لم يكن لهم مدافع لله عنهم، ولا ناصر منه لهم يدفع عنهم ما نزل بهم من عذابه، ولا يحجز عنهم ما حكم به من إغراقهم، على ما كان من عصيانهم، {أَنْصَارًا ٢٥}، والأنصار فهم: المدافعون عنهم من الأعوان.

  {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ٢٦}، فهذا دعاء من نوح صلى الله عليه على الكافرين، ومعنى {لَا تَذَرْ} أي: لا ترك ولا تدع،