تفسير سورة الجن
  وتنبأ ونزل عليه من الله الوحي، حرست السماء ممن كان يقعد من مردة الشياطين في مقاعدها، وتسمع أخبار ملائكتها، فتنزل به إلى إخوانهم من كهنة الأرض، فأراد الله تبارك وتعالى أن يبطل أخبار الكهنه، حتي لا يعلم أحد من أهل الارض شيئا من أخبار السماء، فمنع سبحانه الشياطين من إستراق السمع بهذه الشهب التي تقذفهم الملائكه بها، التي حرسها سبحانه عليهم وأمرها بهم، كرامة منه لنبيئه صلى الله عليه وعلى آله وحياطه لوحيه، لئلا ينزل إلى الأرض من علم السماء شاء إلا على لسان نبيئه صلى الله عليه وعلى آله، وقد كانت الشياطين تسترق من أخبار الملائكه وتخابرها بما يأتيها من الله ربها من أمره لها، بما يكون من سقي البلاد وغيره، من أخبار مايأمر الله به ملائكته، تتخابر به الملائكه بينها في السماء الدنيا، فتسترقه مردة الشياطين، وتنزل به إلى كهنة الأرض، فلم يزالوا كذلك حتى بعث الله نبيئه صلى الله عليه وعلى آله، فحجبت الشياطين عما كانت عليه بهذه النجوم التي تقذفها بها عند طلبها ما كانت عليه من إستماعها، ألا تسمع كيف قالت الجن عند ذلك: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا ٩}، فأخبر أنها كانت تقعد من السماء مقاعد، والمقاعد فهي: المواضع التي يصعد فيها من يقعد فيها للإستماع، ثم قال: {فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا ٩} يريد: فمن يقعد الآن للاستماع يجد له شهابا رصدا، يقول: يجد له نجما منها رصدا، أي: مستعدا، فيقذف به عندما يكون من مداناته.
  ثم قالوا عندما عاينوا من تلك الشهب المستعده لهم، الراصده لمن يطمع الإستماع بعد مبعث محمد صلي الله عليه وعلى آله منهم، فقالوا: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ١٠}، يقولون: لاندري أهذا الذي حدث من أمر الله أَلِشَرَّ يريد أن يجعله فى الأرض يهلك به أهلها، أم لرشدِ