تفسير سورة الجن
  يفعلوا إذ لم يقدروا، {يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ١٩} أي: فهم يغشونه جمعيا معا حتى يقعوا بأنفسهم عليه، ويبلغوا ما أملوا فيه، من الهلكه التى صرف الله سبحانه عن نبيئه تلفها، ومنعهم بعزته بلوغها، ذلك من قريش وغيرهم ممن تبهم كفرا بالله وحسدا لرسول الله ÷، فارادوا أن يرموه بأنفسهم معا؛ لان يجتثوه من الأرض إجتثاثا فيستاصلوا شأفته صلى الله عليه إستئصالا، غضبا عليه فى طاعة الله، ومشاقة وكفرا منهم بالله.
  وقد قال غيرنا: إن الدين كادوا يكونون عليه لبدا، هم مؤمنوا الجن، الذين استمعوا القرآن، فكادوا يغشونه ويطؤونه، محبة منهم له، وليس ذلك يصح في البيان، وليس هم إلامن ذكرنا من مشركي الانسان، ألاتسمع كيف قال لهم إنكارا منه لفعلهم، الذي كادوا أن يكون منهم: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا ٢٠ قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا ٢١ قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ٢٢}، فدل هذا من قوله، على أنه جواب وإحتجاج على كل منكر عليه فى فعله، زارِ عليه في دعاءربه، فاحتج عليهم بما يسمع، وليس هذا جواب يصلح أن يكون لمن صدقه وآمن به وأتبعه، وهذا فلا يغبى عند قراءة الآيه، على ذي معرفه، وعقل وتبصره، وتمييز بين الأمور، ووقوف على الخير والشرور.
  وقوله: {أَدْعُو رَبِّي} أي: أساله، وأخلص الديانة له، وقوله {وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا ٢٠} يريد: لا أشرك معه في دعائي تعبدي له احدا، {لَا أَمْلِكُ} معناها: لا أقدر لكم ايها المنكرون علىَّ في عبادة ربي {ضَرًّا وَلَا رَشَدًا ٢١}، يقول: لو كنت