تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة الجن

صفحة 339 - الجزء 2

  أملك لكم ضرا لضررتكم، ولكن الضآر والمرشد الذي هو ربي وربكم، ثم قال: {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ} يقول: لو عَنَدْتُ عن دينه وأطعت غيره، لم اجد من دونه من يجرني منه، فكيف أعدل عنه كما عدلتم؟! إذا لهلكت كما هلكتم!

  {وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ٢٢} يقول: إذا لم أكن أجد من دونه ملجا ولا مفرا ولا ملتحدا ألتحد فيه، ومعنى {مُلْتَحَدًا ٢٢} فهو: موضعا ومستندا ومكانا يلجأ إليه مَن عَنَدَ. ذلك ما تقول العرب: ألحد اللحد للميت، أي: اجعل له موضعا يلجأ إليه، وينحاز عن متراكم التراب فيه، أي: ينحاز عن التراب إليه، ويهرب منه فيه، ويتحجر عنه، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ١٠٣}⁣[النحل: ١٠٣]، فقال: {يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ} يريد: يسندون إليه، ويزعمون أن محمدا مسندا إليه متعلم منه، ملتجي إليه في أمره.

  ثم قال سبحانه: {إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ}، يريد سبحانه: أنك لاتجد ملتحدا ولاملجاء من الله ولا مخلصا يخلصك من عذابه، {إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ} يريد بقوله: {بَلَاغًا} إلا تبلغيك عن الله ورسالاته، وصبرا على أمره، ومضيا على طاعته، وإصطبار على حكمه، فإن هذه الأشياء هي البلاغ من الله، إذا فعلته فهو: المجير لك من عذاب الله، والملتحد: الذي يلتحد إليه ويلجاء من أمر الله وينجي من عذابه، ولن ينجيك غير طاعه الله من عذابه.

  ألا تسمع كيف يقول سبحانه: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ٢٣} فأخبر سبحانه أن من يعص الله ورسوله فإن الله قد جعل ماواه جهنم، ومعنى {لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} أي: إنها له قرار ومنزل، ومعنى {خَالِدِينَ