تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة الجن

صفحة 340 - الجزء 2

  فِيهَا أَبَدًا ٢٣} أي: فهم مقيمون فيها أبدا، ومعنى {أَبَدًا ٢٣} فهو: دائم سرمد، لاغايه له ولا أمد.

  {حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ}، يقول: حتى إذا عاينوا وأبصروا ما كانوا يوعدون، من الوعيد الذي كانوا به يكذبون، وهو العقاب والحساب الذي به يجزون. ثم قال: {فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا ٢٤}، يقول سبحانه: {فَسَيَعْلَمُونَ} أي: فسيرون ويبصرون ويوقنون ويعرفون، {مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا} أهم أم محمد صلى الله عليه وعلى آله؟! لأن ناصرهم الشيطان، وناصر محمد الرحمن، فهذا تقريع من الله لهم، وتبكيت بضعفهم وضعف ناصرهم، وإعلام منه أنهم إنما يعبدون من ينفعهم، ولا يطيعون من يصرهم إن أراد ضررهم، وأنهم إنما يعبدون من هو أضعف منهم ممن يعبدوه من دون ربهم، {وَأَقَلُّ عَدَدًا ٢٤} يقول: أقل عاضدا له، وقايما معه، وكارها لما كره وساخطا لما سخط، أمحمد صلى الله عليه وعلى آله أقل مواليا أم أنتم؟! ومحمد ÷ فالموالون له الملائكة المقربون، وجميع المومنين من الثقلين.

  وقد يحتمل أن يكون معنى الآية مثل ضربه الله لهم، يخبرهم فيه أنه تبارك وتعالى أقوى على نصر أوليائه منهم على نصر أوليائهم، وقوله: {وَأَقَلُّ عَدَدًا ٢٤} يريد: أقل جنجا وألياء، وطاعة وخدما، وأنفذ أمرا، في كل ما أرادوا وشاء تبارك وتعالى.

  ثم قال سبحانه: {قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا ٢٥}، فأمره سبحانه أن يقول لهم: إنه لايدري متى يوم القيامه، ولا كم بقي من الدهر إليها، ولا متى يكون ذلك اليوم الذى يوعدون فيه ما يوعدون من العذاب الأليم، والخلود فى الهوان المقيم، أراد بذلك إعلامهم أن العلم لله وعنده، وأنه لا