تفسير سورة المزمل
  ثم رجع سبحانه إلى ذكر أوقات الصلاة المذكورة، التي ذكرها في أول السورة، فقال: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ}، فأخبر سبحانه أنه يعلم أوقات قيامه عند وقت ضرورته، وعند ما يكون منه ومن المؤمنين من الأمور التي تمنعهم من أداء الفرض في أول الليل، من ذلك ما ذكرعنه ÷ من صلاة العشاء والعتمة بمكة، وقد غربت الشمس بسرف من بر الظهران، وذلك لما فيه من شغل السفر، ومعنى {وَطَائِفَةٌ} فهي: جماعة ممن معك، وقوله: {وَطَائِفَةٌ} فهي: تدل على ما قلنا به من أوقات الصلاة، لأهل العلات؛ لأنه قال: {وَطَائِفَةٌ} ولم يقل كل من معك، فدل على أن من كان ذا مرض أو خوف، أو ذا سفر أو حرب، معذور في تأخير صلاة أول الليل إلى بعضه.
  ثم قال: {وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} أي: تثبتوه على وقت واحد، وتحيطوا به دون سائر الأوقات، فعلم سبحانه أنهم كلهم لن يقدروا على أداء الفرض في وقت واحد، مع ما فيهم من العلات التي ذكرنا ووصفنا، منهم عليل، ومنهم مسافر، ومنهم خائف، ومنهم آمن، فالآمن يصلي في أول الليل، وطالب الماء يصلي إذا وجد الماء في أي أجزاء الليل وجده، وخائف يصلي عند انقضاء خوفه في نصف الليل أو آخره ومريض يؤدي ما