تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسيرسورة القيامة

صفحة 381 - الجزء 2

  {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ١٥}، والإلقاء هو: الطرح والكلام للإعتذار، والمعاذير فهي: الكلام الذي لا يثبت ولا يصح لقائله صدق، فيقول سبحانه: هو عارف بنفسه، عالم بغامض أمره، وسر ضميره.

  {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ١٦}، يقول: لا تذكرون منه شيئا حتى تفهمه، ولا تعجل بإلقاء شيء منه إلى الناس حتى تحكمه ونثبت تنزيله، ومعناه في قلبك، فتذكره من بعد ذلك، فإنك إن عجلت بذكر تنزيل، قبل فهم تأويل، لم تأمن أن تُسأل عن التأويل فلا تعلم ما أردنا به، فاثبت وَتَأَنَّ حتى نعلمك المعنيين كليهما، فإنك لا تعلم الغيب ولا تعلم إلا ما عَلَّمناك، ولا تفهم إلا ما فَهَّمناك.

  ثم قال سبحانه: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ١٧ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ١٨} يريد: جمع سورة في قلبه، وتمكين القرآن كله في صدره، والايحاء به كله إليه، وتنزيله شيئا شيئا عليه، حتى يكمل القرآن كله في صدره مجتمعا، وتضمه جوانحه بالحفظ له كله معا، حتى يكون بحفظه وتأويله فَهِما، وبتنزيله ومعانية عالما، فقد جمع الله ذلك كله، وثبت به سبحانه فؤاده، ومن الجمع جمع كل آية إلى سورتها، حتى تكمل السورة على حقيقتها، فتجتمع الآيات كلها إلى مواضعها، وذلك أن القرآن نزل عليه صلى الله عليه وعلى آله خمسا خمسا، فذكر الله سبحانه أنه سيجمعه له، ومعنى {جَمْعَهُ} فهو: تأليفه، فذكر سبحانه أن عليه تأليف الآيات بعضها إلى بعض، حتى تكمل السورة سورة سورة، فهذا معنى {جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ١٧}، معنى