تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة الإنسان

صفحة 394 - الجزء 2

  {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ} فإطعامهم: إعطاؤه والجود به والبذل، والطعام فهو: المعيشة من كل ما جعله الله غذاء للبشر، وعيشا وقواما، {عَلَى حُبِّهِ}، يقول: على الحاجة إليه، والرغبة فيه، في ساعة العسرة والضيق والشدة، {مِسْكِينًا} فهو: الفقير المحتاج إلى الطعام، {وَيَتِيمًا} فهو: الطفل الذي لا والد له، الذي قد ثكل والديه أو أحدهما، وعَدِمَ حسن نظرهما وقيامهما وعنايتهما وكفايتهما، {وَأَسِيرًا ٨} والأسير: كل مأسور قد أوثق أسره، واشتد بالأسرعليه حاله وأمره ممولا لا يقدر على ماله وأهله، من الأسارى الذين أسرهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله من الكفرة الفاجرين، وكذلك مَن أَسَرَته الأئمة الهادون، من مأول فاجر، أو جاحد كافر، فواجب على من أسرأسيرا من الفاسقين والكافرين، إن لم يكن له مال، ولا سبيل إلى سعة حال، بوجه من الوجوه، أن ينفق عليه من بيت مال المسلمين بالمعروف، وإن كان له مال، أو كان في قرب أهله ومن يبلغه منافعه، وجب عليه أن يأمره بالإستنفاق من ماله، ولم ينبغ لنا أن ننفق عليه أموال المسلمين، إذا كان بالإنفاق على نفسه من الواجدين، وفقراء المسلمين أولى بتلك الفضلة، وبتلك التوسعة، فهذا يجب النظر فيه وتمييزه على الإمام، ومن أطعم غير هؤلاء الثلاثة من سائر أهل الإسلام، فهو مأجور أيضا على ذلك محمود.

  وقد ذكر أن هؤلاء الذين فعلوا هذا الفعال، فأثنى الله سبحانه عليهم، هم: الخمسة محمد صلى الله عليه وعلى آله وعلي وفاطمة والحسن والحسين رحمة الله عليهم، فعلوا ذلك في وقت عسرة وضيق شديد وحاجة إلى المعاش، فأثنى الله سبحانه كذلك عليهم، وذكر ما سيأتي ذكره مما أعد الله لهم من الثواب، وكان في قولهم في ذلك لمن أطعموه، فشكرهم الله ما ذكر الله من قولهم: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ}، معنى {نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} هو: نطعمكم لله تقربا إليه، {لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً}