تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة المرسلات

صفحة 415 - الجزء 2

  عند استعارها بأهلها، بالقصور والجبال الململمات.

  ثم ذكر الوعيد بالمكذبين بوعده ووعيده، فقال: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ٣٤}.

  ثم أخبر بما يكون منهم في يوم الدين، من ترك المكابرة لليقين، والمجاحدة بآيات رب العالمين، فقال: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ ٣٥ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ٣٦}، يقول لا ينطقون منطقا ينفعهم، ولا يتكلمون بكلام يقبل منهم، ومعنى {يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ٣٦} أي: يؤذن لهم في التوبة فيتوبون، والرجعة والأوبة إلى الحق فيؤوبون ويرجعون.

  فأخبر سبحانه أن ذلك اليوم لا يجوز فيه توبة، ولا يقبل من ظالم معذرة؛ لأنه يوم جزاء على ما تقدم من الأفعال، وليس بأوان عبادة ولا عمل فيعملون، ثم كررالوعيد للمكذبين، بقول رب العالمين، فقال: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ٣٧}.

  ثم أخبرهم بوقوع اليوم الذي كانوا به يكذبون، فقال: {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ ٣٨}، ويوم الفصل فهو: يوم القطع بينهم بالحق، وهو يوم القيامة والحشر، {جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ ٣٨} يقول جمعناكم في هذا اليوم والأولين، والأولون فهم: الذي كانوا قبل عصر النبي صلَّى الله عليه وعلى آله من الأمم، فسمى الله تبارك وتعالى من كان قبل محمد صلَّى الله عليه وعلى آله أولين، وسمى الله من كان في عصر محمد صلى الله عليه وعلى آله ثم إلى آخر الدنبا آخرين.

  ثم قال سبحانه: {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ ٣٩} يقول: فإن كان لكم علي سلطان أو مقدرة، أو كنتم تستطيعون تغير شيء من فعلي بكم، أو دفع عظيم صنعي فيكم، فادفعوه لتضادوني بذلك، وإن كنتم تطيقون إدخال ضرر علي فأدخلوه بمكيدة تكيدونها، أو بمجاهدة تجاهرون بها، وإنما أراد الله سبحانه بهذا