تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة المرسلات

صفحة 416 - الجزء 2

  القول توقيف أعدائه على ضعفهم وشدة تكبرهم، وقلة منفعة شركائهم لهم، وأوليائهم الذين كانوا يطيعون من دون الله لهم، فقررهم على الإستسلام، وأوقفهم على صدق ما جاء به محمد #.

  ثم قال: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ٤٠} فأخبرأن الويل والعذاب الطويل عليهم وعلى نظرائهم من المكذبين، الأولين والآخرين.

  ثم ذكر سبحانه، وجل عن كل شأن شأنه، أمرالمؤمنين فقال: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ ٤١ وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ ٤٢}، والظلال فهو: الظلال الممدود الذي قال الله سبحانه: في {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ٣٠ وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ ٣١}⁣[الواقعة: ٣٠ - ٣١]، وهي ظلال الأشجار والقصور، وما ظللهم الله به من غير ذلك من الأمور، والعيون فهي: المياه الجارية الكثيرة المتفجرة، والفواكه فهي: ما يعرف من الفواكه الطيبات، من ثمارالأشجار المثمرات، وصنوف الأثمار، المتصنفات، المتشابهات من الطيبات وغير المتشابهات، التي تشتهيها أنفسهم، وتدعوهم إليها شهواتهم، فهي موجودة غير مقطوعة، مبذولة لهم غير ممنوعة، عطاء من الله غير مجذوذ على صالح أفعالهم، وماقدموا في حياتهم من مرضيات أعمالهم، ألا تسمع كيف يقول سبحانه: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٤٣}، يقول سبحانه: تنعموا بالمآكل الطيبة، والمشارب اللذيذة، {هَنِيئًا} أي: جزاء بفعلكم، فمعنى {هَنِيئًا} فهو: مريا طيبا لا آفة فيه ولا داء، ولا تخافون منه شيئا من الأذى، كما كنتم تخافون في مآكل الدنيا، فهذا معنى قول الله: {هَنِيئًا}.

  ثم قال: {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ٤٤} يخبر أن هذا فعله وحكمه في المحسنين، والمحسنون فمعناها: المحسنون إلى أنفسهم بما عملوا من الطاعات التي