تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة النبأ

صفحة 424 - الجزء 2

  ثم قال سبحانه: {عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ٢ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ٣}. فأخبره ÷ أن الذي كانوا عنه يتساءلون، وفي أمره يترآدون هو النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون، والنبأ ها هنا الذي هم فيه يختلفون فهو: ما كان ينبئهم به رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله ويعلمهم به، من بعثرة القبور، ومن النفخ في الصور، ومن حشر العباد، وتبديل الأرض والبلاد، والحساب والعقاب، والمناقشة والثواب، فكانوا في ذلك يختلفون، ومعنى يختلفون، أي: تختلف أقاويلهم في التكذيب به، وتصنيف معاني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله فيه، فكانت طائفة تقول: إن إنباء رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله لهم بهذا القول سحر، وطائفة تقول: أن إنباءه لهم به شعر وظنون، وطائفة تقول: إن ذلك كله منه كهانة وجنون، فهذا معنى اختلافهم في النبأ، والنبأ فهو: الإنباء، والإنباء فهو: الإخبار والتبيين، والإعلام للعالمين بما لا يعلمون، ولا يتوهم أحد ذو فهم ونظر، وتمييز وبصر، أن اختلافهم فيما ما كان ينبئهم به صلى الله عليه وعلى آله من ذلك ويقصه عليهم ويقرؤه، إختلاف يكون بعضه إقرارا بما كان يقول، وبعضه إنكارا لهذا القول، بل كلهم كان منكرا له مكذبا غير مقر، وإنما معنى الإختلاف منهم، هو: اختلافهم في تصنيف الكذب على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، والجحدان لما جاء به ÷ من عند الله.

  {كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ٤}، معنى {كَلَّا}: معنى الإنكار لقولهم الذي قالوا، وإنكار لما هم فيه من تصنيف الكذب على رسول الله ÷؛ لأن كَلاَّ هي كله جواب رد على متكلم بغير صواب، إنكارا لقوله، وردا عليه في كذبه،