تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الأنعام

صفحة 194 - الجزء 1

  وهذا - يرحمك الله - فمثلٌ مثَّله الله وضربه لهم، إذ كانوا عن آياته معرضين، وعن قبول ما أمروا به صآدين، فأخبر سبحانه أنهم في ترك الاستماع للحق، وعن قبول ما جاء به نبيه ÷ من الصدق، وقد يرون ما يأتي به من البراهين والدلالات والعلامات، كالصم البكم الذين لا يسمعون، ولا يعقلون فيأتمرون، ألا ترى أن العرب تقول لمن لم يسمع ويستمع ويقبل ما يُؤمر به فينتفع: ما أنت إلا أصم، وتقول: فلان أصم أبكم عما يلقى إليه، وإن كان حديد السمع، تريد بذلك: قلة الائتمار بما به يُؤمر، وطول الغفلة عما منه يُحذَّر.

  وأما قوله: {فِي الظُّلُمَاتِ} فهي: ظلمات الكفر والعصيان، والبعد من الواحد ذي الجلال والسلطان.

  وأما قوله: {مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٣٩}، فقد تقدم منا شرح معنى أرادته لإضلال الضآلين، وهدايته لمن اهتدى من المهتدين، ومعنى الضلال والهدى هاهنا: كمعناه فيما تقدم أولاً من موضعه هذا الكتاب.

  ٦٢ - وسألت: عن قول الله سبحانه: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ}⁣[الأنعام: ١٢٥]؟